هل الإنسان مسيّر أم مخيّر ؟ هذا السؤال لا أنه مر في أذهان الكثيرين , وقد كونت رأيا في هذا الموضوع و هو أن الإنسان مخير بالنسبة لنفسه و لغيره من البشر و مسير بالنسبة لله عز و جل , و الله أعلم .
كيف ذلك ؟ سأشرح رأيي كالتالي (و الله أعلم ) :
الافتراض بأن الإنسان مخير يؤدي في النهاية إلى الاعتراف بوجود إرادة خارج نطاق إرادة الله سبحانه و تعالى مثلا : قرر أن تحرك يدك الآن تجد أنها تتحرك بكل بساطة , هل قرارك بتحريك يدك سبقه قرار من الله تعالى بأن تحرك يدك أم أن الله سبحانه يعلم أنك ستحرك يدك دون أن يسيطر على ذلك بأن يترك لك القرار . رأيي أن الله هو المسيطر و المهيمن و أن مبدأ الإله الواحد القادر على كل شيء الفعال لما يريد يفرض علينا أن الإنسان مسير . ولكن كيف نفسر أنني عندما أقرر أن أحرك يدي أحركها بكل سهولة و حرية , التفسير كالآتي :
الفتاة ليلى في قصة ليلى والذئب المعروفة كانت بالنسبة إلى نفسها مخيرة فهي اختارت بملء إرادتها أن تذهب في طريق الغابة رغم تحذيرات أمها لها , و إذا سألتها : هل أجبرت يا ليلى على ذلك ؟ فإنها ستقول أنها اختارت الطريق دون أن يجبرها أحد في ذلك , و لكن بالنسبة للمؤلف الذي ألف قصة ليلى و الذئب فإن ليلى كانت مسيرة لأنه هو من جعلها تسلك طريق الغابة و هكذا هي حياتنا و الله أعلم .
آية قرآنية في هذا الموضوع : (( ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من فبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير(22) لكيلا تأسوا على ما فآتكم ولا تفرحوا بما آتاكم و الله لا يحب كل مختال فخور(23) )) سورة الحديد
الله سبحانه و تعالى أعطانا ومضة من الحقيقة بأن أخبرنا بأنه المسيطر حتى يدعم تفكيرنا بوحدانية الله و لكن المضحك المبكي هو أن حتى هذه الومضة الصغيرة من الحقيقة كانت كبيرة على الفكر البشري فكيف يطالب البشر بمعرفة الحقيقة كاملة ؟!!
و أقول لكل من يتساءل عن معنى حياتنا إذا كنا مسيرين و لا نملك الخيار في تصرفاتنا أنه لا توجد قصة بلا مؤلف ومن البديهي أن وجود المؤلف لا يتعارض مع وجود معنى لهذه القصة و هكذا هي حياتنا وجود الله عز و جل كمسيطر على الأحداث لا يفقد حياتنا معناها بل يعطيها معنى جديد كما في الآية السابقة (( لكي لا تأسوا على ما فآتكم و لا تفرحوا بما آتاكم ))
والله أعلم