السجيل الزيتي : ((هو صخر رسوبي ناعم الحبيبات منضد متراص يحوي مواد عضوية تعطي عند تقطيرها الزيت النفطي , ومواد لا عضوية))
قسم من المواد العضوية ينحل بالمذيبات العضوية ويــدعى بيتومين ومؤلــف من هيدروجين – أوكسجين – آزوت – كبريت ...... ) وقسم غير منحل يدعى كيروجين، وهو عبارة عن (سلاسل من الفحوم الهيدروجينية+ المعقدة) وهو الجزء الهام من الخام حيث يتحول إلى زيت نفطي ويعطي عند حرقه رائحة الكاوشوك المحترق .
وهنا يجب أن نفرق بين زيوت الإسفلت الحاوية على بيتومين فقط والسجيل الزيتي الحاوي مع البيتومين على الكيروجين . وغالبية صخور السجيل الزيتي تكونت في تجمعات مائية ضحلة إما بحار أو بحيرات ونتيجة لعملية ترسب وتحجر سريع لمواد معدنية مفتتة ناعمة مختلطة ببعض المخلفات العضوية الناتجة عن تحلل النباتات البحرية . والفرق بين السجيل الذي تكونت رسوبياته كصخر أم أصلي تراكمت وتطورت فيه المواد العضوية، والإسفلت الناتج عن التأكسد اللاحق أن المواد العضوية هنا هاجرت نحو السطح وتبخرت المواد الطيارة وحتى الكيروجين ( الحاوي على الزيت ) وبقيت الحثالة الاسفلتية وهذا يتواجد في إسفلت البشري وإسفلت كفرية.
ولكن من أين جاءت التسمية العربية للسجيل؟ فالمصطلح الاجنبي Oil shale أي الغضار المنضد النفطي أو الحجر الزيتي واطلق عليه هذا الاسم (السجيل) في سورية وعممت الكلمة بالوطن العربي حيث اقتبست الكلمة من قوله تعالى : بسم الله الرحمن الحريم (( ألم ترى كيف فعل ربك بأصحاب الفيل ,ألم يجعل كيدهم في تضليل , وأرسل عليهم طيرا ً أبابيل ترميهم بحجارة من سجيل فجعلهم كعصف مأكول ))
صدق الله العظيم
والسجيل هنا حجارة مشتعلة , عن قصة أبرهة الحبشي عندما هاجم الكعبة المشرفة بجيش من الأفيال ......
عرف خام السجيل الزيتي منذ القرن السادس عشر في امريكا وعرفت رسوبياته بقابليتها للاشتعال عند تعرضها للهب مباشر وتعتبر تشكيلات الـ / غرين ريفر / في الولايات المتحدة الامريكية من أكبر مكامن العالم بالسجيل الزيتي . ولقداستغلت هذه الاحجار في فرنسا والمانيا خلال الحربين العالميتين , إذ نتج عن حرق صخور السجيل 40 لتر / طن من النفط كما استعمل جزء من السجيل كوقود بالحرق المباشر والرماد الناتج استعمل في معامل الاسمنت وسط المانيا .
وفي جمهوريات البلطيق مثل استونيا يستخدم منذ العشرينات من القرن الماضي في محطات توليد الكهرباء, ذات الاستطاعات الكبيرة جدا ً كما يستعمل في الصناعات الكيميائية وفي الصين يستخدم على نطاق واسع لاستخراج الزيت النفطي أو للحرق المباشر . وكذلك في دول مثل يوغسلافيا السابقة وأغلب الدول المطلة على البحر الابيض المتوسط وفي امريكا اللاتينية والبرازيل واستراليا . ولقد كان مستغلاً بطريقة التقطير في الدول التالية :
- فرنسا من سنة 1838 حتى 1957 – اسكتلندا من 1862 حتى 1962
- جنوب افريقيا من سنة 1935 حتى 1966 – السويد من 1940 حتى 1966
- استراليا من 1940 – 1952 – اسبانيا من 1922 حتى 1966
ثم توقف الاستغلال بهذه الطريقة لان اسعار النفط الخام صارت بعد الستينات أقل تكلفة آنذاك وزادت اكتشافات النفط في العالم وتوفر بشكل كبير .
أما في روسيا فمنذ عام 1960 يستغل السجيل بالحرق المباشر لانتاج الكهرباء وحتى الآن تتراوح القيمة الحرارية للصخور الزيتية ( السجيل ) المعروفة في العالم ما بين / 1500 – 4000 / كيلو كالوري للكيلو غرام الواحد من الصخر السجيلي .
ويقدر حاليا ً الاحتياطي العالمي من النفط بـ 1000 مليار طن
والاحتياطي العالمي من الغاز الطبيعي 230 مليار طن
والمعروف أن الاحتياطي العالمي من السجيل الزيتي 2383 مليار طن
والاحتياطي المحتمل من السجيل الزيتي 15171 مليار طن
والمؤكد 1350 مليار طن ومنها :
52 % في الولايات المتحدة الأمريكية و21 % في البرازيل و11 % في روسيا والبلطيق و5 % في الصين , واستراليا وزائير والمغرب وكندا كل منها 2.5 % والباقي لدول العالم الأخرى.
استثمار السجيل الزيتي
بقيت العمليات الفنية لاستثمار السجيل الزيتي ذات طابع سري وطرق تكنولوجية ذات خصوصية لكل شركة أو دولة , واستغل كمصدر للطاقة منذ فترة طويلة إلى جانب الفحم الحجري وذلك قبل شيوع النفط فقد استثمر الاتحاد السوفياتي (السابق ) ما بين عامي 1950 – 1980 أكثر من /400/ مليون طن من حجر السجيل الزيتي الخام وقد حوى على / 600 / مليون برميل من الزيت أي بمعدل 55 ألف برميل يومياً.
أما في الولايات المتحدة الأمريكية حيث تغطي صخور السجيل الزيتي مساحة كبيرة جدا وتصل سماكاتها أحيانا ً إلى / 600/ م ونسبة الزيت الصخري فيه حوالي / 42 – 120 / لتر / طن كما في ولاية كوليرادو فيستخرجون الزيت منذ الخمسينات ويبقى الاحتياطي الاستراتيجي للولايات المتحدة بعد أن تستغل نفط العالم حالياً.
ومن التجارب العربية في المغرب انجزت منذ العام 1980 دراسة اقتصادية شاملة وصناعية كما يتجهون للحرق المباشر لتوليد الطاقة الكهربائية في مناطق تواجد الخام علماً ان المغرب تحوي 2.5 % من السجيل في العالم كله وكانت خططهم انتاج 13 مليون طن زيت عام 2000 ولقد دشنت عام 1983 مشروع رائد لبناء وحدة تقطير لاحجار السجيل الزيتي بالطريقة المغربية في موقع / تمحضيت / حيث يوجد احتياطي /20 / مليار طن بنسبة زيت 7.3 % ولنا من التجربة المغربية فائدة كبيرة، وفي الأردن ما زالوا يعملون على دراسة السجيل الزيتي منذ العام 1970 وحددوا كمية احتياطي 1.3 مليار طن نسبة الزيت فيه 159 لتر / طن.
كما يوجد السجيل الزيتي في دول الجوار العراق وفلسطين وتركيا، ولقد أقام الإنكليز محطة أولية لتقطير صخور السجيل الزيتي المكتشف على طرفي وادي اليرموك ولا تزال مخلفاتها موجودة حتى الآن, وذلك لاستخدامه في مجال الحرق وتسيير الخط الحديدي الحجازي قرب النفق الذي اشتعل قربه السجيل كما أسلفت في بداية هذا المقال.
وبقي اسثمار السجيل الزيتي شبه متوقف منذ بداية الستينات حتى منتصف السبعينات حيث برزت أزمة النفط بعد عام 1973 وأواخر 1980 وزاد سعر برميل النفط ستة أضعاف ووصل عام 1980 إلى 32 دولار بينما كان يباع قبل حرب تشرين التحريرية بـ / 2 – 5 / دولار واخذ العالم يفكر باستغلال صخر السجيل الزيتي لانتاج النفط والطاقة ,فما بالك الآن وقد تجاوز سعر برميل النفط المئة دولار فلا بد أن استثمار السجيل الزيتي سيصبح ضرورة في البلدان الغنية به . ولقد قامت شركات رائدة بانتاج النفط من هذه الصخور في بداية الثمانينات وكانت الكلف تتراوح ما بين 17.2 إلى 34.15 دولار للبرميل من النفط المستخرج كما يتراوح الانتاج اليومي ما بين 1955 برميل إلى 14360 برميل وتتضمن الكلف التعدين المقلعي وتجهيز الخامات وعمليات التقطير والمعالجة وكلفة الوقود المنتج وحجم الاستثمارات المطلوبة ما يزال يكتنفها الغموض بسبب السرية التي تحيط بالابحاث وتعدد الطرق المستعملة والأرقام المتسربة ليست دقيقة تماماً حيث أنها أسرار الشركات المنتجة . وتعتبر طرق استثمار السجيل الزيتي ذات شقين :
الطريقة الأولى : تركزت الأبحاث الأولى على تطوير طرق فعالة للحرق المباشر للصخر لتسخين مراجل وتوليد البخار الذي يمكن بواسطته تشغيل التوربينات البخارية لتوليد الطاقة الكهربائية وذلك باستخراج الخام بالطرق التقليدية منجم مغلق أو منجم مفتوح .
الطريقة الثانية : تركز على موضوع الحصول على الوقود السائل والذي يعالج ويصبح نفطا ً وذلك باستخراج السجيل الزيتي ثم تجهيزه وإدخاله في أفران خاصة لتقطيره والحصول منه على الوقود السائل أو الغاز، وبهذه الطريقة وتحت الخوف من التلوث البيئي تم التركيز على إيجاد طرق اقتصادية وفعالة لتقطير صخور السجيل الزيتي في مكامنه تحت الأرض حيث تتفتت الصخور وتقطر بفعل الحرارة المتولدة من تفجير نووي محدود، أو يلجأ إلى عمل انفاق متشعبة في طبقات السجيل ضمن الأرض وإجراء تفجير تحت سطحي حيث يتم اشعال النار في الخامات التي تساعد على تقطير قسم من الوقود الموجودة في الصخر ثم يضخ إلى السطح وهنا لا بد أن نقف أمام الاستثمارات الكبيرة التي لا يمكن أن تقوم بها إلا الشركات العملاقة المتخصصة وصاحبة التكنولوجيا الخاصة بها المستعملة في هذا النطاق .
وينتج عن السجيل الزيتي عند تقطيره :
- النفط الثقيل أو الوسط ويدخل في مصافي النفط العادية – زيت السجيل والغاز الطبيعي – الكبريت – الآزوت .........
- المعادن النادرة كالتوريوم والفاناديوم والموليبدنيوم وكذلك الأتربة النادرة والنحاس والنيكل واليورانيوم بنسب قليلة .
- الامونياك كناتج ثانوي والرماد الناتج يمكن أن يصبح مادة أساسية لصناعة الاسمنت أو مادة خاصة لرصف الطرق الثانوية وتستفيد النمسا منذ العام 1970 من استخلاص بعض العقاقير الطبية من السجيل الزيتي الذي تستثمره لإنتاج النفط .
- كما يمكن الحصول على مواد كيماوية متعددة ( مواد حافظة , عطرية، مواد تنظيف، وانتاج مواد مطاطية وبلاستيكية )
- كما ان الرماد الفائض عن صناعة الاسمنت البورتلاندي الناجم عن الحرق يمكن استعماله لتخصيب التربة خصوصا ً في مناطق البادية والمناطق الصحراوية
وماذا عن السجيل الزيتي في سورية وامكانية استعماله ؟؟؟
الباقي في الحلقة القادمة
موضوع: السـجّيل الزيتي البديل والرافد للنفط في سورية 
الأربعاء فبراير 25, 2009 5:53 am
اليومية